شاط الخير على زعير..رئيس الجهة يوقع إتفاقية شراكة مع جمعيات فرنسية بهدف إحتضان الداخلة بطولة دولية في رياضة تافهة

Photostudio 1553821110405 960x680

بقلم : د.الزاوي عبد القادر - كاتب راي و مدير المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و أبحاث مكافحة الفساد و تحليل السياسات 

تنويرا للرأي العام المحلي, و خصوصا فئة المعطلين و المهمشين أبناء هذه الارض المالحة, قررنا أن نظل في حالة استنفار قصوى, ممتشقين أقلامنا دفاعا عن أرزاقنا المهدورة و أحلامنا المسروقة, و ثلاثين سنة من التجريف المؤسس و المتواصل تكفي ليحتفي تحالف "التهنتيت", بما سرقه من أفواه الجياع و المحرومين و المفقرين و المعطلين, فلذات أكباد جهة الداخلة وادي الذهب.

سنظل نحكي الجزء الآخر من الرواية المفجعة, و لن نسقط في فخ الإلهاء الإستراتيجي الذي يريد لنا تحالف "التهنتيت" و أذرعه الإعلامية أن نسقط في شركه الآثم, من خلال شيطنة خصمهم السياسي و الإنتخابي "سيدي صلوح الجماني" و تحويله إلى شماعة إعلامية يعلق عليها رئيس الجهة و تحالفه السياسي, نتائج تدبيرهم الفاشل و تبذيرهم الفاحش لمقدرات ساكنة الجهة و ميزانياتها تساعية الأسفار التي ضخت على مدار أربعة سنوات مالية في حسابات المجلس.

و بما أن المناسبة شرط كما يقول الفقهاء و الأصوليين، إطلعت بالصدفة على اخبار صحفية محلية حول إستقبال رئيس المجلس الجهوي "الخطاط ينجا" لوفد أجنبي يضم فاعلين جمعوين فرنسيين، تم خلاله توقيع إتفاقية شراكة بين المجلس الجهوي وجمعيةNORD SUD ACTION DE DAKHLA بالإضافة إلى جمعيات فرنسية أخرى، بهدف إحتضان الداخلة لكأس القارات لرياضة PADEL التي ستنظم لأول مرة بإفريقيا، و هي رياضة تافهة و غير شعبية، من نوعية الرياضات "الفايف ستار" التي تمارسها الطبقة البرجوازية المخملية، على شاكلة رياضة التنس لكنها تمارس داخل قاعة مغلقة بين متنافسين او اكثر. و من المنتظر ان تنظم هذه البطولة حسب ذات القصاصات الاخبارية، ما بين 15 و18 نونبر القادم بمدينة الداخلة، طبعا بدعم من ميزانية مجلس الجهة "السمينة"، في الوقت الذي لا يزال يمتنع فيه ذات المجلس عن دعم فريق مولودية الداخلة الكروي بسبب حسابات سياسوية و انتخابية رخيصة و عبثية، رقم النجاحات الرياضية الكبيرة التي حققها فريق عاصمة الجهة، ناهيك طبعا عن القاعدة الجماهيرية الواسعة التي يتمتع بها بين صفوف ساكنة الجهة، إلا أن ذلك لم يشفع له عند رئيس الجهة، فالحسابات السياسوية عند الطقمة الحالية المسيرة لشؤون و ميزانيات الجهة تسمو فوق مصالح الساكنة و إنتظاراتها و أحلامها، حتى و ان تطلب الأمر تهميش فريق عاصمة الجهة الكروي، و بالمقابل تخصيص غلاف مالي سخي لتنظيم بطولة دولية تافهة و شراء تجهيزات باهظة لرياضة لاجماهيرية أتفه.

إن ما سلف ذكره يعتبر مجرد غيض من فيض المصيبة و الكارثة التي حلت فوق رؤوس ساكنة الجهة في ظل رئاسة تحالف "ولد ينجا" الحالي، و مجرد نظرة عابرة على ميزانية الجهة برسم سنة 2019, كافية لتنبئ المرء بحجم الخديعة التي تعرضت لها فئات واسعة من ساكنة الجهة, كما أن صدمته ستكون كبيرة من حجم الفرص الضائعة و الإمكانات المالية المهولة المهدورة, التي كان بإمكانها خلال ثلاثة سنوات مضت أن تغير و بشكل جذري, من وجه الجهة التنموي و مستوى عيش مواطنيها.

هل يعقل يا ساكنة الجهة, أن تقفز مصاريف إكتراء عتاد الحفلات من 20 مليون سنتيم سنة 2016 إلى 200 مليون سنتيم سنة 2019, أي بنسبة 1000 في المائة, أم أن المشكلة يا ترى تكمن في "الجماني" أصل الداء و الشر كله, كما يحاولون أن يصوروا لنا؟؟؟؟ و نفس الكلام ينطبق على مصاريف شراء التحف و الهدايا الذي قفز من 70 مليون سنتيم سنة 2016 إلى 200 مليون سنة 2019, و كذلك مصاريف الإقامة و الإطعام الذي قفز بشكل صاروخي عجيب من 250 مليون سنتيم سنة 2016 إلى مليار و 800 مليون سنتيم سنة 2019, إضافة إلى مصاريف تنظيم المهرجانات الثقافية و الترفيهية الذي قفز بدوره من 20 مليون سنتيم سنة 2016 ليصل إلى مليارين سنتيم سنة 2019؟؟؟؟

و نفس الكلام ينطبق أيضا على فصول اخرى "منتفخة" بشكل مريب, كتخصيص مبلغ خرافي ناهز 200 مليون سنتيم لشراء التحف الفنية و الهدايا, و 200 مليون سنتيم أخرى لإكتراء عتاد الحفلات, و 150 مليون سنتيم لشراء الوقود و الزيوت لحضيرة سيارات المجلس, و هو رقم يطرح أكثر من علامة استفهام حول المعدل الحقيقي لإستهلاك سيارات المجلس للوقود, إضافة إلى تخصيص 50 مليون سنتيم لشراء قطع الغيار و الإطارات المطاطية لسيارات الجهة التي اغلبها لم يمر على إستخدامها أكثر من 3 سنوات, ناهيك عن تخصيص مبلغ 50 مليون سنتيم أخرى لصيانة و إصلاح هذه السيارات, و قرارهم "الطريف" تخصيص مبلغ 20 مليون سنتيم لأجل شراء المواد المطهرة؟؟؟؟؟

إن هذا النفخ الصاروخي في بعض فصول الميزانية يعتبر في علوم تدبير الموارد المالية, تبذير مشين و اسراف مالي مقزز, و كأن الذين وضعوا هذه "الخزعبلات" الميزانياتية لم يسمعوا أبدا من قبل عن شيئ اسمه الحكامة المالية و ترشيد النفقات أو ما يسمى بالفرنسية Efficience و هو أحد أهم مبادئ علم التدبير المالي و فنون وضع الميزانيات من خلال البحث عن تحقيق الأهداف المسطرة بنجاعة و عقلانية, كما أنه يسائل رئيس الجهة عن الفرضيات "Hypothèses" و التقديرات المالية "Clés Budgétaires" و منهج تحديد الحاجيات Fixation des besoins التي على أساسها برمجت هذه الكوارث الميزانياتية سالفة الذكر؟

قولا واحدا, لقد تجاوز هذا الهدر المالي الشنيع لميزانية ساكنة الجهة, كل الخطوط الحمراء, و لا يستطيع أي مذهب في علوم المالية و فنون التأطير الميزانياتي أن يبرره أو يفسره للساكنة, و ستستطيع ساكنة الجهة بعملية حسابية بسيطة أن تستوعب الكم الهائل من الفرص التنموية و الإمكانات المالية التي أضاعتها و لا تزال الطقمة المدبرة لمجلس الجهة, و كم كانت ستكون تلك الاموال المهولة قادرة على تحويل مدينة الداخلة عاصمة الجهة إلى "سويسرا" حقيقية, و ليست الداخلة الحالية التي تعاقب ساكنتها و بنيتها التحتية و فريقها الكروي، بالحرمان من كل هذا المجهود المالي الضخم المضاع, كعقاب لها على إختيارات ساكنتها الديمقراطية في ميادين التنافس الإنتخابي الحر.

خلاصة القول, الكرة الآن في ملعب وزارة الداخلية بإعتبارها تمثل سلطة الرقابة, من أجل وقف هذه المهازل المالية و رفض التأشير على هاته الميزانية "المفخخة", و إجبار مجلس الجهة على إعادة البرمجة من جديد بما يضمن إجبارية تحويل جزء من تلك الأموال الضخمة سالفة الذكر, التي خصصت لفصول تافهة و بلا أية مردودية على مسلسل التنمية الجهوية, إلى مشاريع سوسيو-إقتصادية تمكن من محاربة الهشاشة و الاقصاء الاجتماعي وسط الفئات الفقيرة و المحرومة, و خصوصا فئة الشباب العاطل, و تمويل برامج تشغيلية حقيقية تمكن من خلق مشاريع مذرة للدخل و موفرة لفرص الشغل الكريم, و تحويل الباقي بلا قيد او شرط إلى ميزانية بلدية الداخلة عاصمة الجهة, للمساعدة في سد الخصاص على مستوى البنية التحتية, و مؤازرة المجهود المالي و الأوراش التنموية الضخمة التي تنفذها البلدية حاليا, إنتهى الكلام.