Créer un site internet

قراءة إستراتيجية في قرار المغرب إشراك الساكنة الأصلية في مشاورات جنيف حول قضية الصحراء

Photostudio 1543940612439

بقلم: د.الزاوي عبد القادر- كاتب صحفي و مدير المركز الأطلسي الصحراوي للأبحاث و تحليل السياسات

 

لقد تأكد للجميع بما لا يدع مجالا للشك، بأن جبهة البوليساريو الإنفصالية تتعامل مع الصحراويين المتواجدين في الصحراء المغربية، بمنطق التشكيك و التخوين و لا ترى فيهم إلا "حطب النار" تسعر بهم حروبها الإعلامية و الحقوقية العبثية ضد الدولة المغربية، لأجل أوهام قيام دولة الرابوني القبلية اللاصحراوية و اللاديمقراطية،

 

و الشاهد في حديثنا تعمد إقصاء جبهة البوليساريو تعيين قيادات إنفصاليي الداخل الموالين لها في الوفد التفاوضي الرسمي للجبهة، و الإقتصار على قيادييها المقيمين بالفردوس الأوروبي بعيدا عن بؤس و جحيم مخيمات اللاجئين بتندوف، في الوقت الذي قام فيه المغرب بتعيين منتخبين صحراويين من مدن الداخلة و العيون ضمن وفده المفاوض،

 

و رغم أنه لدينا ملاحظات كثيرة على شرعية تمثيليتهم لساكنة الصحراء المتواجدة تحت السيادة الشرعية للمغرب، و غير راضين قطعا عن طريقة تدبيرهم الكارثية لملفات المنطقة الإقتصادية و الاجتماعية و السياسية، إلا أنهم يظلون يعتبرون جزء من الساكنة الصحراوية الأصلية و الوحدوية، كما يحسب للمغرب هذا القرار الشجاع و التقدمي، الذي يشكل ضربة إستراتيجية مدمرة لأسطورة إحتكار تمثيلية الصحراويين من طرف جبهة البوليساريو، و يضيف قواعد جديدة و حاسمة للعبة، ما يجعل أي حل مرتقب للنزاع خاضعا بقوة القانون لإرادة و رغبات الساكنة الصحراوية الوحدوية المتواجدة فوق أرضها و تحت ظل جناح المملكة المغربية،

 

قولا واحدا، جبهة البوليساريو تريد قيام دولة قبلية محصورة زعامتها و أطرها و كوادرها على ساكنة تندوف، أما ساكنة الصحراء المغربية الأصلية فلا ترى فيهم سوى شرذمة من الخونة و المرتزقة، و مواطني "البدون" كما هو حال الجاليات العربية و الاجنبية المقيمة في بعض مشيخات الخليج و بالخصوص في دولة الكويت، حيث يعيش آلاف المواطنين بدون جنسية رغم أنهم ولدوا هم و آبائهم في هذه الإمارة الخليجية، 

 

و حتما لو كانت لا قدر الله قد تحققت كوابيس البوليساريو في قيام دولة المافيا القبلية على أرض الصحراء المغربية، لكنا شاهدنا حرب تطهيرية و إنتقامية واسعة تشنها عصاباتها على صحراويي الداخل الوحدويين، كما قامت به دولة بورما مع أقليات الروهينغا، و لتحولت الصحراء الى ساحة لحرب أهلية مدمرة، كما حصل من قبل في تيمور الشرقية و جنوب السودان و قطاع غزة،

 

خلاصة القول، في ظل كل هذه الحقائق المزعجة، و هذه المعطيات الجيو-سياسية المقلقة سيظل مقترح الحكم الذاتي المغربي هو الحل الوحيد و الأوحد  الذي بإمكانه أن يقدم ضمانات حقيقية و مملوسة لكل فئات المجتمع الصحراوي بالعيش الكريم و الآمن فوق تراب وطنهم، و يمكنهم من تدبير شؤونهم الداخلية في إطار مؤسسات سياسية منتخبة بشكل حر و ديمقراطي، تمكن الجميع من المشاركة على قدم المساواة تحت السيادة العليا للدولة المغربية، من دون أن يتغول أي طرف على الطرف الآخر، أما ما عدا ذلك فهو مجرد أضغاث أحلام و لن نقبل به أبدا، إنتهى الكلام.