تغول قماقمه بجهة الداخلة و المغرب...هل دخلت الدولة في مرحلة تعايش سلمي مع الفساد؟؟

Photostudio 1548156549205

بقلم: د.الزاوي عبد القادر- كاتب صحفي و مدير المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و الأبحاث و تحليل السياسات

يبدو أن جيوب فاسدة و  مسيطرة، متغلغلة داخل مفاصل الدولة المغربية بمختلف مؤسساتها المنتخبة و السيادية، و كما سبق لنا أن أكدنا في أحد مقالاتنا السابقة، قد أجبرت الدولة على الدخول في مرحلة تعايش سلمي مع أخطبوط الفساد، الذي تغلغل بأذرعه الجشعة و المفترسة في مختلف القطاعات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية بهذا البلد الأمين.

من الصفقات العمومية المفخخة، و التفنن في أساليب و فنون نهب المال العام، و عمليات الترامي الممنهج على الأملاك العمومية برا و بحرا، و إستنزاف و نهب الثروة السمكية، و إلى غاية حدود  مقالع الحجارة و الرمال المنهوبة، كما هو حالنا في جهة الداخلة وادي الذهب المستباحة من طرف ثلة من المستثمرين مصاصي الدماء، و المنتخبين الفاسدين، و ظهيرهم "دراكولا" المتخفي وراء أسوار الوزارات و التفتيشيات النائمة في عسل الأظرفة الصفراء و التحويلات البنكية السخية.

و في هذا الإطار، أفادت تقارير صحفية مغربية، بأن أعضاء مكتب لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، عقد يوم أمس الاثنين 21 يناير الجاري، إجتماعا بخصوص المهمة الإستطلاعية المؤقتة المتعلقة بالمقالع، و ذلك على إثر  مطالبة عدد البرلمانيين بالقيام بمهمة ميدانية للوقوف على الاختلالات التدبيرية للمقالع بمختلف ربوع المملكة خاصة بعد دخول القانون الجديد حيز التنفيذ.

ووفقا للإحصائيات الرسمية المعلن عنها، فإن 83 في المئة من المقالع على الصعيد الوطني ترتكب مخالفات قانونية، سواء من حيث التصريح بالكميات المستخرجة أو الضوابط البيئية، وكذا التهرب الضريبي، والحمولة القانونية للشاحنات، ناهيك عن إلحاق أضرار بالسكان و المجال الإيكولوجي ومناطق الرعي، في خرق تام لبنود دفتر التحملات.

حيث سبق لوزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك، أن كشفت عن لائحة إستغلال المقالع بالمغرب، و أظهرت أن العدد الإجمالي للمقالع وصل إلى 1885 مقلعا، منها 1257 تستغلها شركات و628 يملكها أشخاص ذاتيون، في الوقت الذي عرفت اللائحة سيطرة شركات كبرى وعائلات متنفذة على المقالع والأحجار والرخام بالمغرب.

من جهة أخرى، عبّرت الجمعية المغربية لحماية المال العام، عن قلقها الشديد مما أعتبرته التعثر والتأخر القضائي في معالجة ملفات الفساد ونهب المال العام، متسائلة عن الأسباب والدواعي الحقيقية لهذا التعثر الذي وصفته بـ”غير المفهوم”.

وقال فرع الجمعية بمراكش في بيان منشور، إنه قلق بشأن مسار ملفات الفساد ونهب المال العام التي تقدم بها إلى الجهات القضائية، وهي الملفات التي استغرقت وقتا طويلا في البحث التمهيدي دون وجود أسباب معقولة.

وأشار فرع الجمعية إلى أن الملفات المحالة على المحاكمة، تستغرق بدورها مدة طويلة، لتصدر في الأخير أحكاما قضائية دون تطلعات الرأي العام في القطع مع الفساد، ونهب المال العام، والإفلات من العقاب. 

مؤكدا على دور السلطة القضائية الحاسم في التصدي للفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب، و معتبرة بأن أي تأخر غير مبرر في البث قضائيا وبالنجاعة المطلوبة في هذه القضايا، هو بمثابة تشجيع على الفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب، ما يتنافى وتوصيات الأمم المتحدة التي تعتبر بأن مؤسسة القضاء هي الجهة الكفيلة بالقضاء على الفساد، من أجل ضمان تحقيق تنمية شاملة ومستدامة، وضمان الاستقرار الاجتماعي، و السلم الأهلي.

قولا واحدا، لقد درسنا في كليات الإقتصاد و العلوم السياسية، شيئا يسمى الإرادة السياسية للدول، من دونها سيظل شعار محاربة الفساد مجرد كلمات جوفاء، و بروبكندا رخيصة موجهة للإستهلاك الداخلي، بينما واقع الحال بالجهة و المغرب عموما، صارخ بالبؤس، و بأشنع مظاهر تغول الفساد و سيطرته، رغم المجهودات الصادقة التي تبذلها مؤسسة النيابة العامة المغربية، و التي ستظل متواضعة للغاية مادامت جيوب مقاومة الفساد متمكنة من مفاصل الدولة الحيوية، و ما دامت أيضا الإرادة السياسية لمحاربة هذا السرطان الشبكي غائبة.

إنها نفس إستراتيجية فيروس الإيدز الخبيث الذي يبدأ معركته لتدمير الجسم بالسيطرة على دفاعاته المناعية، إنتهى الكلام.