بالتأكيد إفتحاص مجلس جهة الداخلة خطوة إيجابية..و الساكنة تنتظر التدقيق في ميزانيات مجالس منتخبة أخرى بالجهة

Photostudio 1548697200745 960x680

 

بقلم: د.الزاوي عبد القادر-كاتب صحفي و مدير المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و الأبحاث و تحليل السياسات

لا تزال تداعيات نتائج تقرير لجنة تفتيشية للتدقيق في ملفات مجلس جهة الداخلة وادي الذهب، والمكونة من مفتش من المالية وآخر من وزارة الداخلية، للتدقيق في جميع العمليات المالية والمحاسبتية برسم سنة 2016 و خلال فترة انتداب مجلس الجهة الحالي برئاسة الإستقلالي الخطاط ينجا، -أقول- لا تزال تداعيات التقرير تتوالى تباعا، وهذ المرة تحصلنا داخل المركز على جزء من التقرير يخص صفقة أخرى مشبوهة جرى تفويتها من طرف مجلس الجهة لشركة "آكوج"، المملوكة للمقاول المحظوظ "الحو" كمتنافس وحيد، الذي دأب على الاستحواذ على صفقات عمومية كثيرة و متعددة و بطرق مريبة، على مستوى الكثير من المجالس المنتخبة بالجهة.

التقرير الأولي الذي أعدته لجنة التدقيق، وضع اليد على صفقة عمومية رقم 5\2016 خاصة ب“تقوية طريق بئر كندوز”، التي تجاوزت قيمتها 390 مليون سنتيم، حيث لاحظ المفتشان أن الوثيقة السرية التي تتضمن الثمن التقديري للصفقة Estimation confidentielle غير موقع من طرف أعضاء اللجنة المختصة بفحص طلبات العروض Commission d'ouverture des plis، ما يعتبر دليلا قاطعاً أن هذه الصفقة لم تمر بإعلان طلبات العروض بشكل رسمي و قانوني، لذلك لم يستطع مجلس الجهة الاجابة على الملاحظة سالفة الذكر، و هو ما أكدته اللجنة في صدر التقرير.

من جهة أخرى و دائما في إطار الصفقة المشبوهة سالفة الذكر، التي فاز بها المقاول المحظوظ "الحو"، اكتشف المفتشان أن شركة "آكوج" المعنية بالصفقة، اقترحت أثمان غير عادية و منتفخة في بعض الحالات مقارنة مع الثمن التقديري المقترح من طرف مجلس الجهة، حيث أن شركة "الحو"  كانت تنقص في ثمن و تعوض في الثاني، ما يعتبر مخالفة صريحة للقانون الذي يحدد نسبة الاختلاف صعودا و نزولا في حدود 20 بالمائة و25 بالمائة، و عليه تسائلت اللجنة التفتيشية عن سبب تهاون مجلس الجهة في عدم استدعاء الشركة لتبرير هذا الخرق القانوني كما ينص على ذلك قانون الصفقات العمومية. مجلس الجهة في رده على هذا الخرق القانوني، إعتبر بأنه لم يطالب شركة "الحو" بتبرير هذا التضخم الغير طبيعي في الأثمان لأنها كانت المقاولة المتنافسة الوحيدة، و هو ما رفضته اللجنة و أعتبرته جواب غير مقنع، لذلك قررت الاحتفاظ بالملاحظات الواردة في التقرير الأولي.

الوثيقة التي يتوفر المركز على نسخة منها، تهم أيضا ملاحظات اللجنة التفتيشية حول صفقة اخرى مشبوهة، تخص بناء الطرق في تجزئة تسمى “لكلات”، بتكلفة تفوق 110 مليون سنتيم، والتي فازت بها مرة أخرى نفس شركة المقاول المحظوظ "الحو"، بعد أن أقصى منها مجلس الجهة شركة sonitrav المنافسة الوحيدة للشركة المذكورة سلفا، بحجةعدم تقديمها لـ "شواهد مرجعية"، الأمر الذي اكتشفت اللجنة التفتيشية أنه منافي للحقيقة، وأن الشركة قدمت بالفعل تلك الشواهد، وأن ملفها كان يستوفي كل الشروط اللازمة، و مع ذلك تم إقصاؤها بشكل كيدي، من أجل أن تمنح الصفقة على طبق من ذهب لمقاولة "آكوج" المحظوظة دائما.

وجاء تبرير مجلس الجهة على الصفقة الثانية، بأن المشروع “مقسم على شطرين” marché alloti، وأن الشركة المتنافسة الثانية قد شاركت في الشطر الثاني، وأن الشطر الأول كانت فيه شركة المقاول "الحو" المتنافس الوحيد. غير أن اللجنة ردت على الجهة بأن جوابها الأول غير مقنع تماما بحكم أنها خالفت المادة 41 من قانون الصفقات العمومية، وأن تبريرها بخصوص الصفقة الثانية “خاطئ" أيضا، لذلك تظل ملاحظات اللجنة في محلها. وحددت اللجنة رقم الصفقة ب (9/2016) الذي كانت فيه شركة "الحو" متنافسة عكس صفقة الشطر الأول التي تحمل رقم (8/2016)، وبالتالي كان جواب مجلس الجهة مرة أخرى غير مقنع تماما، و مبرراته واهية.

ما سبق لنا أن نبهنا إليه مصالح الدولة الرقابية في عدة مقالات و تقارير منشورة، أثبتنا خلالها بأن الأمر أصبح يتعلق بظاهرة مشينة, تتمثل في مأسسة تأويل شيطاني و غير بريئ لمرسوم الصفقات العمومية في مواده 40 و 25 و 38, الخاصة بفحص العرض التقني و الإداري, و المبالغة في إستعمالها من طرف عدة مجالس منتخبة بالجهة،  بهدف إرتكاب "مجازر" إقصاءات في حق منافسي بعض المقاولات المحظوظة و المقربة, لأجل أن تبقى وحيدة و يحوز بذلك أصحابها الجمل بما حمل بطريقة ظاهرها قانوني, و لكن باطنها يمثل خرق فاحش للقانون و تبذير شنيع للمال العام.

لكن و حتى لا نسقط في فخ الإنتقائية و حتى نكون منصفين، هذه الخروقات المسجلة في العمليات المحاسباتية و المالية الخاصة بمجلس الجهة برسم سنة 2016، يتواجد أضعافها في جماعات قروية و مجالس منتخبة أخرى بالجهة، سبق لنا أن كشفنا عنها من خلال تقارير محاسباتية و مقالات منشورة موثقة بالأدلة و الوقائع و الوثائق، خصوصا على مستوى المجلس الإقليمي لوادي الذهب و جماعة العركوب القروية، إضافة إلى ملفات مقالع الحجارة و الحزام الأخضر و عمليات الترامي الممنهج و الإجرامي على أملاك الدولة و الساحات العمومية، لذلك نطالب داخل المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و الأبحاث و تحليل السياسات، وزارة الداخلية و مصالح الدولة الرقابية، أن يبعثوا على نفس المنوال تفتيشيات مماثلة إلى تلك المجالس، و نعدها بإكتشاف الكوارث، إنتهى الكلام.

Photostudio 1548696318199 480x536 1024x1143

ت