فهمتكم...فهمتكم...ردا على الجهات التي سربت تقرير عملية إفتحاص مجلس الجهة

Photostudio 1548887976926 960x680

بقلم: د.الزاوي عبد القادر- كاتب صحفي و مدير المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و الأبحاث و تحليل السياسات

"فهمتكم...فهمتكم"...كلمات خالدة لاتنسى للدكتاتور التونسي المخلوع "زين العابدين بن علي"، باتت تنطبق على حالة اللغط، و التداعيات المتسارعة التي أرخت بظلالها على جهة الداخلة وادي الذهب، على إثر تسريب تقرير خاص بتدقيق العمليات المالية و المحاسباتية لمجلس الجهة برسم سنة 2016، أنجزته لجنة مشتركة بين مفتشيات وزارة الداخلية و وزارة المالية، حيث كان ملفة بالنسبة لنا تعمد الجهات المناوئة لرئيس الجهة الحالي و المسربة للتقرير سالف الذكر، إقصائنا من الإطلاع عليه، و بعثه من تحت "الدف" لمواقع صحفية مغربية بشمال المملكة، إضافة الى بعض النشطاء على شبكات التواصل الاجتماعية خارج الداخلة، ما يحمل بين طياته رسائل مشفرة، عنوانها العريض إنعدام الثقة و "الحكرة" إتجاه الصحافة المحلية و المدونين و النشطاء الحقوقيين بالجهة.

إشارات بائسة، و عملية مفضوحة بغض النظر عن مضمون التقرير، تؤكد بأن وراءها أهداف غير بريئة، لا تمت بصلة لقضية الترافع و الدفاع عن مصالح ساكنة الجهة و أموالها العمومية، بقدر ما يراد منها إشغال الرأي العام المحلي و ساكنة الجهة عن فضائح ترامي بعض المنتخبين تحت جنح الظلام، على ممتلكات للدولة و تحويلها بطرق شيطانية إلى مشاريع عقارية شخصية مربحة، كما هو الحال في ملف صهريج الماء الذي فضحته الصحافة المحلية و نشطاء المجتمع المدني، لكن من دون أن تتحرك تفتيشيات مماثلة لوضع حد لهذا التجاوز القانوني الخطير، و متابعة كل الأطراف المشاركة في عملية الترامي الإجرامية سالفة الذكر.

ʺأبا ما شاف راسو أمال يلوح لباسوʺ مثل شعبي دارج بات ينطبق على حال مدينة الداخلة، في ظل وجود لوبيات فاسدة، إفترست بأذرعها الأخطبوطية ما استطاعت إليه سبيل من صفقات مفخخة وبقع أرضية "همزة" و أراضي استثمارية منهوبة، مقابل تفقير ممنهج للفئات الهشة و المحرومة التي شكلت محور مجموعة من الخطب الملكية السامية، لكن ما دام حاميها  هو نفسه حراميها، ستظل الخطب الملكية في واد، والفئات الهشة و أحلامها المسروقة و ميزانياتها المستنزفة، و معها مصالح الوطن العليا في واد اخر، كما ستظل تلك الخروقات المفضوحة و المدوية في منأى عن التفتيشيات لأسباب مثيرة للتساؤلات و الريبة.

إنها لوبيات خطيرة و مدمرة كما أسلفنا، مكونة من عدة مقاولين فاسدين من شذاذ الجغرافيا المغربية الممتدة، و ظهيرهم المشكل من بعض المنتخبين و البرلمانيين و المسؤولين المحليين، الذين تراموا على الملك العام كما تترامى الضباع الجائعة على الفريسة في جوف البراري، فذاك ʺبنسيʺ الذي استولى على الأخضر واليابس بربوع جهة الداخلة المستباحة، من الصفقات المنتفخة، و المساحات العمومية المنهوبة، التي حولوها بقدرة فاسد عليم الى مشاريع شخصية مربحة، و لا أدل على ذلك من مدرسة ʺلابرنتساجʺ بفرعيها، حي السلام والحي الحسني، حيث شيدت الأولى فوق موقع مخصص لمساحة خضراء، فيما شيدت الثانية فوق موقع سوق تجاري عمومي.

كما  لا يفوتنا أبدا الحديث عن المقاول المشبوه المدعو ʺالحوʺ، الذي استولى و لا يزال على جل صفقات البنية التحتية المغشوشة، ومعها البقع الأرضية و التجزئات الإستثمارية و مقالع الحجارة المسروقة و المساحات العمومية، في عملية تقاسم حصري للثروة بين أقطاب العصابة سالفة الذكر، على حساب معاناة الساكنة و فقرها و حرمانها، و في ظل حماية من  بعض المسؤولين الفاسدين داخل أجهزة صنع القرار العليا.

"أبا ما شاف راسو امال يلوح لباسوʺ، مثل لا يقتصر فقط على المقاولين "بنسي" و "الحو"، و من شابههم في الجشع و الإفتراس، بل انتقل فيروس استغلال السلطة و النفوذ و المكانة الإنتخابية و أصوات المواطنين، الى منتخبين محليين من أبناء جلدتنا، فوضتهم الساكنة للدفاع عن مصالحها، و محاربة الفساد و إقامة العدل و الترافع الحقيقي عن مظلوميتها و حرمانها، فإذا بهم يدافعون عن مصالحهم المادية و الأسرية، في إنحطاط أخلاقي آثم، و تعالي خطير و وقح على كل القوانين و الأعراف.

قولا واحدا، سنظل نكررها على مسامع أجهزة الدولة السيادية و الرقابية، مصداقية الدولة و تقاريرها المحاسباتية على المحك، و الساكنة تنتظر بفارغ الصبر أن تشمل عمليات التفتيش المجلس الإقليمي لوادي الذهب على سبيل المثال لا الحصر، بحكم أهميته و مستوى الميزانيات الضخمة التي يدبر عملياتها، إضافة إلى مجالس منتخبة أخرى بالجهة، و ذلك حتى لا تسقط سلطات الوصاية في فخ الانتقائية، و تسقط معها هيبة و مصداقية مؤسسات الدولة الرقابية، إنتهى الكلام.