هل أتاكم حديث فساد كمبرادورات الريع البحري بجهة الداخلة..بين خيانة الوطن و تهريب الثروة السمكية صوب موريتانيا

Photostudio 1553885659356 960x680

بقلم: د.الزاوي عبد القادر-كاتب رأي و مدير المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و أبحاث مكافحة الفساد و تحليل السياسات 

"ليس في القنافذ املس" أحجية عربية شهيرة تنطبق بحذافيرها على حال و احوال أشياخ الريع البحري بجهة الداخلة المنكوبة, من طائفة "عض قلبي و عض رغيف ساكنة الداخلة لكن لا تعض رغيفي", و طبعا كعادتهم الخسيسة, و ما جبلوا عليه من إنتهازية, و إستغلال فاحش لخصوصية المنطقة و مظلومية أهلها و شبابها طيلة العقود الماضية, لا تكاد تسمع لأصحابنا حسا و لا همسا, إلا حين تشح عنهم بزولة الريع البحري و يقل عطائها, فيجيشون الناس و الشباب بخطابات عاطفية رنانة, لذر الرماد في العيون و الظهور بشكل المناضلين عن الصحراويين و ثرواتهم السمكية المنهوبة, بينما الهدف الحقيقي طبعا هو الضغط على الدولة المغربية و وزارة الصيد البحري, من اجل ان يبقى صنبور الريع و المنافع مفتوحا, ينهلون منه بلا حدود, و يسمنون منه حساباتهم المهربة بجزر الكناري, و يمتنون منه عرى مشاريعهم المهربة هي الاخرى صوب موريتانيا جنوبا, أما حرمان و إنتظارات ساكنة الجهة, فمجرد وسيلة يستغلونها بشكل وصولي مقزز لتحقيق مآربهم الشخصية مع الوزارة و بعض اللوبيات المسيطرة على القطاع, لذلك لا غضاضة أبدا لدى هؤلاء الكمبرادورات الميكيافيليين و النفعيين, في ان يغيروا من قواعد اللعب, و يلعبون مع الدولة المغربية لعبة "غميضة" الشهيرة, فيتحالفون سرا مع الشيطان كما هددوا بذلك من قبل, و في نفس الوقت يهرولون للتحالف جهرا على حساب ساكنة الجهة مع كل لصوص و مهربي الثروة السمكية من مختلف الجنسيات و الإثنيات.

ما بعتبر وصمة عار تنضاف إلى سجل هؤلاء المرتزقة من تجار الحروب و المآسي, و مصاصي دماء الصحراويين بإسم الصحراويين, حيث اماط اللثام عن الوجه القبيح لهؤلاء الكمبرادورات, و كشف حقيقتهم أمام الساكنة و التاريخ, فآخر ما يعنيهم هو قضية إستفادة الصحراويين من ثرواتهم السمكية, بينما هدفهم الاسمى هو إبتزاز الدولة المغربية و الوزارة الوصية على القطاع من أجل مصالحهم الخاصة، و حساباتهم البنكية المتخمة بالسحة البحري, و هو على العموم ما سبق لجلالة الملك نضره الله و أيده أن أشار إليه في خطابه سنة 2014 بمناسبة الذكرى 39 للمسيرة الخضراء المظفرة, الذي قال فيه بالحرف الواحد:" إننا نعرف جيدا أن هناك من يخدم الوطن، بكل غيرة وصدق، كما أن هناك من يريد وضع الوطن في خدمة مصالحه. هؤلاء الذين جعلوا من الابتزاز مذهبا راسخا، ومن الريع والامتيازات حقا ثابتا، ومن المتاجرة بالقضية الوطنية، مطية لتحقيق مصالح ذاتية. كما نعرف أن هناك من يضعون رجلا في الوطن، إذا استفادوا من خيراته، ورجلا مع أعدائه إذا لم يستفيدوا" أنتهى كلام جلالة الملك.

إن المسؤول عن كل هذه العملية الجاسوسية كما يجهل ذلك الكثيرون, هو أحد أقطاب مافيا التهريب سالفة الذكر, الذي سبق له أن حاول التلاعب بسلطات الدولة خلال فترة الوالي السابق, من خلال إدعائه الحصول على جائزة السمكة الذهبية الخاصة بالجودة من طرف الإتحاد الاوروبي, و قام بعد ذلك بتسليمها كهدية لوالي الجهة السابق, في حفل بهيج حضره جميع المستثمرين بمدينة الداخلة, و هو ما أثار و لا يزال يثير الإستغراب و الإستهزاء إلى حدود الساعة: كيف لصاحبنا المهرب ذاك و من خلال رخصة مشتركة في معمل صغير لا يحترم أبسط معايير النظافة و الصحة المغربية فما بالك بالأوروبية, و أرقام معاملاته معدومة, و أي عملية تفتيش مفاجأة لوحدته الصناعية من طرف مصالح الوزارة البيطرية المختصة, كفيلة بإغلاقه و سحب ترخيصه نهائيا -أقول- كيف لصاحبنا, وسط مستثمرين كبار بالجهة, يمتلكون مصانع ضخمة تحترم معايير الإتحاد الاوروبي و تصدر الملايير سنويا, أن يحصل على تلك الجائزة؟ ثم لماذا تعمد تقديمها هدية لوالي الجهة السابق؟ و لماذا أيضا لم يسبق لأي مستثمر بالمنطقة مهما كبرت إستثماراته, و علت جودة منتوجاته و صادراته الى العالم, أن حاز على جائزة مماثلة؟ ما يؤكد بأن وراء الجائزة أسرار أخرى, أخطر بكثير مما يظهر في الصورة, ندعو أجهزة الدولة المخابراتية و السيادية إلى التحقيق العاجل فيه، كما ندعو بالمناسبة مصالح وزارة الصيد البحري, إلى أن تكون عادلة, و تبعث على الفور بمفتشياتها إلى وحدته الصناعية المعروفة بسمعتها السيئة, كما تفعل مع المستثمرين الآخرين, و نعدها بإكتشاف العجب العجاب.

لكن المثير أكثر في القضية, أنه قد نودي على نفس المستثمر المهرب السنة الموالية من طرف الإتحاد الأوروبي للحصول على جائزة ثانية, لكنه لم يذهب لتسلمها, بسبب الخوف من أن يثير الامر شكوك السلطات المغربية, غير أنه و بعد تلك الجوائز المثيرة للشكوك و الريبة, بات صاحبنا يمتلك شبكة من الأصدقاء و الموالين منتشرة كالسرطان بموانئ إسبانيا, و عدة دول أوروبية أخرى, من بياطرة و جمركيين و شرطة مينائية, تمكن خلالها من التسبب في إلحاق أضرار بالغة بالصادرات المغربية إلى أوروبا, حيث بسببه تم بالفعل إرجاع حاويات ضخمة من الأسماك المغربية إلى مدن الدار البيضاء و اكادير بالإضافة إلى الصحراء, و هو ما يفسر السر وراء تهديداته الدائمة باللجوء الى الإتحاد الأوروبي لتقديم شكايات كيدية ضد الإستثمارات الوطنية بالمنطقة, لذلك بات لزاما على الدولة المغربية ان تثبت بأننا لا نزال في دولة المؤسسات و القانون, و بأن جهة الداخلة هي جزء أصيل من المملكة المغربية و ليست "فنزويلا" أخرى, و بأن المغرب ليس دولة رخوة "سايبا", و بالتالي وضعه تحت المراقبة المشددة إلى جانب باقي عصابة الكمبرادورات, و معرفة مع من يتواصل, و لمن يسرب معلومات حساسة مغلوطة عن قطاع الصيد البحري بالجهة, و ما هي الجهات الاوروبية التي يتعامل معها؟ و لماذا يختار دائما اللجوء إلى الأوروبيين لتشويه صورة الإستثمارات المغربية بالمنطقة و لي ذراع الدولة؟

لقد دأبت تلك اللوبيات المفترسة, المشكلة من كبار كمبرادورات الريع على عقد جلساتهم السرية بأحد المقاهي المعروفة بمدينة الداخلة, بشكل شبه يومي, و تخصيصها كمكان يربطون من خلاله الإتصال مع شركائهم الأوروبيين, من دون علم وزارة الصيد البحري و مؤسسات الدولة المختصة و اجهزتها السيادية, ليسربوا لهذه الجهات معلومات حساسة عن الوضع السياسي و الاقتصادي بالجهة, بهدف التأثير على صادرات بعض منافسيهم الوطنيين و النزهاء, كهدف ظاهري, تختبئ خلفه جملة أخرى من الاهداف الجهنمية الغير معلنة, آلا و هي الإضرار عموما بالصادرات المغربية الموجهة للإتحاد الاوروبي, و ضرب الإقتصاد الجهوي, و تغذية مستنقعات الغضب و الإنفصال, و تفقير المنطقة و إفراغها من الإستثمارات المنتجة للثروة و المثمنة للثروات السمكية, و ذلك حتى تبقى الساحة خاوية أمامهم للإستمرار في تبخيس اثمان الأخطبوط و الإستمرار في تهريبه صوب موريتانيا عبر معبر الكركرات, بتواطئ مع مسؤول جمركي فاسد, و تكديس الثروة المنهوبة في حسابات سرية بإسبانيا, و لا يبقى لهم بالجهة سوى وحدات صناعية وهمية من أجل التمويه, و تبقى الجهة بالمقابل أرضية خصبة للإستمرار في إبتزاز الدولة المغربية, و إستثمار نزاع الصحراء و خصوصية المنطقة لخدمة أجنداتهم اللاوطنية, المضمخة بالخيانة و النفاق و الميكيافيلية في أبشع صورها و تجلياتها، و الويل لكل من تسول له نفسه عدم الخضوع للعصابة, حيث سيجد كل مستثمر وطني غيور على الجهة و إقتصادها, هجمة إعلامية شعواء مدفوعة الأجر في انتظاره, و سيرمى في طريقه بشتى أصناف المتاريس و العراقيل, قصد ثنيه عن المضي في إستثماراته الهادفة لتصنيع و تثمين منتوجات الصيد البحري, و إستثمار عائداتها بشكل حصري داخل الجهة.

إنها بعض خبايا و أسرار اللوبيات الفاسدة الناشطة بقطاع الصيد البحري, و المشكلة من نخبة كمبرادورات الريع و الإسترزاق بإسم الصحراويين, من طائفة تجار الحروب البارعين, الذين حولوا نزاع الصحراء المزمن إلى بقرة حلوب, و مستنقع آسن لممارسة التهريب و الإتجار في المخدرات و المهلكات, و إستنزاف الثروة السمكية بجهة الداخلة وادي الذهب, بل الأدهى و الأمر من ذلك, الإمعان في تهريبها إلى موريتانيا بأوراق مزورة بمساعدة و تواطئ مباشر من مسؤول جمركي فاسد، تربطه مصاهرة بأحد أقطاب هذه العصابة من أبناء المنطقة, و من ثَمَّ تبييض اموالها الحرام في بنوك جزر الكناري, بعيدا عن أفواه الجياع و المحرومين و المفقرين و المعطلين, الذين تعج بهم جنبات هذه الربوع المالحة.

و عليه نتساءل و من ورائنا الساكنة المغلوب على أمرها: هل هؤلاء رجال اعمال أم عصابة؟ من يحمي هؤلاء الكمبرادورات؟ من الذي اعطاهم الحق للتواصل مع الأوروبيين و تسريب أسرار حساسة تخص إقتصاد الجهة؟ ألا يعتبر ما قاموا به إضرارا خطيرا بالأمن القومي الوطني يرقى إلى درجة التخابر و الجاسوسية؟ هل هؤلاء مستثمرين خاضعين لمساطير الدولة و وزارة الصيد البحري كباقي المستثمرين بالجهة, أم هم دولة داخل الدولة و غير خاضعين نهائيا للسيادة المغربية على المنطقة؟ كيف استطاعوا و بعيدا عن أعين الدولة, أن يكونوا لوبيات منتشرة كالسرطان بإسبانيا و خصوصا بمنطقة الجزيرة الخضراء "لخزيرات" تمتد جذورها داخل الشرطة المينائية و الاطباء البياطرة و الامن, إلى درجة أصبحوا معها قادرين على جعل المستورد الاوروبي يرجع حاويات أسماك مصدرة من الداخلة كعقاب لكل مستثمر يرفض الدخول إلى بيت طاعة المافيا؟ أين هي أجهزة الدولة السيادية و المخابراتية من كل هذه المصائب و الجرائم و الخروقات؟

لذلك لا تزال تنتظر الساكنة بفارغ الصبر أن تتحرك فعليا أجهزة الأمن المغربية بمختلف تشكيلاتها بمنطقة الكركرات الحدودية و الموانئ و المناطق الصناعية المجاورة لها, قصد وضع حد لأنشطة عصابة كمبرادورات الريع من بعض أبناء جلدتنا اللئام, الذين تغولوا و تفرعنوا و فسدوا, إلى درجة أصبحوا يهددون فيها سيادة الدولة المغربية على جهة الداخلة وادي الذهب, بل و ساهموا بشكل غير مسبوق في تشويه صورة المملكة على المستوى الدولي, و منحوا أعداء المغرب و خصوم وحدته الترابية, هدية على طبق من ذهب, لأجل التشهير  بالدولة, و إظهارها في شكل العاجز بل و المتواطئ مع هذه الشبكة الإجرامية في انشطتها القذرة, القائمة على تهريب الثروة السمكية صوب مصانعها بموريتانيا بأوراق مزورة, و تبييض أموالها بعد ذلك في حسابات سرية بإسبانيا, بالإضافة إلى الإتجار الدولي في المخدرات و الموبقات.

قولا واحدا، الدولة المغربية اليوم أمام إمتحان عسير, و ملزمة وفق الدستور المغربي أن تثبت للساكنة و العالم بأن جهة الداخلة وادي الذهب جزء من المملكة المغربية بحق, و بأن جميع المستثمرين و رجال الأعمال سواسية أمام القانون, و بأن الدولة المغربية هي المخاطب الوحيد و الرسمي للشركاء الأوروبيين, و أن معبر الكركرات الحدودي بوابة شرعية خاضعة للقانون و غير مختطف, و أنه لا يتعامل بإنتقائية, و لا تعمى عيونه حين تمر عبره حاويات مملوكة للعصابة سالفة الذكر, مشحونة بالاخطبوط المهرب بأوراق الكابايلا و الصيد الخطأ المزورة على سبيل المثال لا الحصر, و بأن جميع منافذ الجهة البرية و البحرية و الجوية خاضعة لمراقبة الدولة و قبضتها, و أنها لن تسمح لهذه المافيا الإجرامية أن تحول تراب الجهة كبوابة جيو-ستراتيجية للمغرب على عمقه الإفريقي, إلى فنزويلا أخرى, و أرض للفوضى و السيبة و التهريب الدولي و الإتجار في المخدرات. اللهم إن قد بلغنا فاللهم أشهد.