قضي الأمر..الولايات المتحدة و المجتمع الدولي يتفقون على فرض الحكم الذاتي كحل نهائي لقضية الصحراء المغربية

Photostudio 1555207250259 960x680 3

يقلم: د.الزاوي عبد القادر- كاتب رأي و مدير المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و أبحاث مكافحة الفساد و تحليل السياسات 

إطلعت قبل أيام على مقال مطول نشره الصحفي الفلسطيني المعروف "عبد الباري عطوان" عبر جريدته الإلكترونية رأي اليوم، حول لقاء جمعه مؤخرا بالرئيس الموريتاني "محمد ولد عبد العزيز"، أكد في أحد فقراته بالقول: "لا يُمكن أن نلتقي رئيسًا موريتانيًّا دون أن نسأله عن جيرانه الشماليين (المغاربة) وقضيّة الصحراء، وفاجأني بالقول “الغرب، والولايات المتحدة وأوروبا لا يريدون قيام دولة تفصل بين موريتانيا والمغرب جُغرافيًّا، وهُنا تكمُن المُعضلة، وكل ما تسمعه خارج هذا الإطار غير صحيح".

الأمر الذي يعتبر تطور لافت و موقف غير مسبوق من رئيس دولة معنية بشكل مباشر بنزاع قضية الصحراء المغربية، يدحض كل الدعاية و الأوهام التي تروجها جبهة البوليساريو، و يثبت مرة أخرى بأن أطروحة الحل المغربية المتمثلة في مشروع الحكم الذاتي للصحراء ضمن السيادة المغربية، لم تأتي من فراغ، و أنها باتت الحل الذي اتفقت على تنزيله القوى العظمى داخل مجموعة اصدقاء الصحراء، ما يفسر صلابة الموقف المغربي خلال جميع المحطات البارزة التي عرفها ملف الصحراء منذ سنة 2007، حين أقبر بقرار من مجلس الامن الدولي و بشكل نهائي حلم عصابات البوليساريو بقيام دويلة قبلية مافيوزية على شاكلة حركة طالبان الأفغانية و ميليشيات الجنجويد بدارفور السودانية، بينما حاز المقترح المغربي للحل على الشرعية الدولية النهائية التي لا غبار عليها و لا تثريب.

غير أن التزكية النهائية لهذه التطورات الدراماتيكية و المتسارعة، جاء من خلال تقرير مثير نشرته الصحيفة البريطانية الشهيرة "ميدل إيست أي" تحت عنوان: "مفاوضات سرية بواشنطن لإعلان الحكم الذاتي في الصحراء..و كولر خاطب البوليساريو: هذا هو الخيار الوحيد"، حيث كشفت الصحيفة البريطانية ذائعة الصيت، عن وجود مشاورات سرية بين المغرب و الولايات المتحدة الأمريكية، فيما يخص طريقة حسم ملف الصحراء الذي عمر أكثر من اللازم.

الصحيفة سالفة الذكر نقلت عن مصدر دبلوماسي رفيع، أن الساسة الأمريكيون يتحركون في الكواليس بشكل مكثف لوضع حد لما وصفته بـ”آمال استقلال الصحراويين”، مضيفة أن الوضع السياسي الذي تعيشه الجزائر حالياً سيساعد على تسوية سياسية للملف. المصدر الدبلوماسي أورد أيضا كما جاء في الصحيفة بأن الرباط تعتمد على حلفاء أقوياء لحسم الملف لصالحها، مشيرةً إلى أن الضغط الأمريكي قد يقلب المفاوضات رأسا على عقب لصالح المغرب، و مؤكدة بأن الطرف الأمريكي قد حثى المبعوث الأممي إلى الصحراء “هورست كولر” على إقناع جبهة البوليساريو بقبول خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب.

من جهة أخرى أكدت الصحيفة البريطانية على لسان مصدرها الدبلوماسي أن المبعوث الاممي الى الصحراء "كوهلر" عندما التقى وفد البوليساريو في محادثات برلين الأخيرة، حذر مسؤولي الجبهة و طالبهم باستبعاد مناقشة خيار الاستقلال و قال لهم بالحرف: "هذا هو السيناريو الوحيد المتاح لكم ..خذوا هذا المقترح و روجوه لشعبكم (يقصد الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية)"، بينما ردت جبهة البوليساريو على "كوهلر" حسب ذات المصدر الدبلوماسي، بالقول أن الأمر يعتبر بالنسبة لهم خطاً أحمراً حيث قال رئيس الوفد: "الشعب الصحراوي لن يرضى أبدًا به، و وفقًا لنفس المصدر الدبلوماسي، فإن المفاوضات الحقيقية حول ملف الصحراء تجري سراً في واشنطن بعيدًا عن سويسرا بين المغاربة والأمريكيين و المبعوث الأممي "كوهلر".

قولا واحدا، بين تصريحات الرئيس الموريتاني الجديدة، التي أكد خلالها رفض المجتمع الدولي بشكل قاطع قيام دويلة بين المغرب و موريتانيا، و التقرير المثير الذي جاء في الصحيفة البريطانية "ميدل ايست اي" الذي يؤكد قرب فرض واشنطن لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل نهائي للنزاع الإقليمي، ينكشف زيف أطروحات و دعاية جبهة البوليساريو البائسة، و تسقط عن قيادة الرابوني الفاسدة ورقة التوت الأخيرة، و يتأكد للجميع بما لا يدع مجالا للشك بأن البوليساريو لا تريد حلا ينهي مأساة الصحراويين، بعد أن حولت القضية إلى أصل تجاري مربح تنعم قيادتها في ريعه و تحت ظلال مظلوميته المبتدعة، خدمة لأجندات العسكر الجزائري و حساباته الجيو-بوليتيكية التوسعية، لكن يبدو أن العم سام قد تفطن للعبة و قلب الطاولة على البوليساريو و حلفائها، و حسم قراره النهائي بفرض المقترح المغربي للحل، انتهى الكلام.