تعيينات خارجية البوليساريو الجديدة...بين المحاصصة القبلية و تهميش الكفاءات الشابة

Img 0061 1s51ithlx5zqb5kvg67lo2yurwjttdmky24upm9d9nj8

الداخلة بوست
بعد طول انتظار خرج الدخان الابيض من القصر الاصفر في مايتعلق بالتعيينات في الديبلوماسية الصحراوية، طول مدة انتظار قائمة الخارجية تظهر حجم الصراعات التي كانت تدور داخل اللجنة المكلفة بإخراج اللائحة في شكلها النهائي. حرب اقطاب مستعرة وانتظار ممل طويل تحولت معه ولادة اللائحة الى مايشبه بيضة الديك .
لأشهر طويلة إنتظر الشارع الصحراوي منتوج الرئيس الجديد العارف بخبايا الديبلوماسية الصحراوية وأسباب انكساراتها العديدة، ووسط حدة سقف تصريحاته المرتفع تفاءل الكل ان سيف الرجل سيعالج مشاكل الخارجية، لكن رياح محيط الرئيس جاءت بما لاتشتهي آمال الرأي العام.
في شكل مرسومين مختلفي الدرجة الاول رئاسي والآخر وزاري خرجت لائحة التعيينات في الخارجية الصحراوية بشكل يؤكد ان الرهان على تغيير في المدى المنظور مجرد اضغاث أحلام. وأتخذت شكلا جديدا، لأول مرة، هو التعيينات الرئاسية والتعيينات الوزارية لوزير الخارجية، وخروجها لأول مرة بالصبغة القانونية تماشيا مع المواد...
 قراءة مستفضية في التعيينات تعيد المشهد لسابق عهده، لغط كبير ككل مرة، واستهلاك كثير للوقت، ثم إخراج مسرحية بنفس طريقة المشاهد السابقة، مزيج من “روغ لخلاك ” ومحاصصة قبلية لاغبار عليها، ثم اعادة تدوير الديناصورات بشكل يعيد إنتشار نفس الاوجه العاجزة عن الإقلاع في اي مكان من العالم توجهت اليه، والإبقاء على كوطة “الكٌراج” التي تصل كل مرة احد اطارات التنظيم ويعالج الشغور فيها بعودة “مفقوع ” الى المشهد بعد أن اخذ حصته من الكراجرغم ان ابرز الغائبين الدبلوماسيين المغضوب عليهم هو الحاج احمد، لم يظهر له مكان لأنه قال بان القيادة قبلية وفاسدة .
في ظل زحف المغرب داخلها، إستمرار العقم في إفريقيا : 
اولى ملامح التعيينات الجديدة بدت واضحة للعيان، وهي أن العقم الذي أصاب ديبلوماسيتنا في إفريقيا سيبقى يلازمها حتى إشعار آخر، ففي ظل زحف المغرب شرق وغرب القارة وحتى داخل هيئاتها الرسمية، أخرها الإتفاقيات الكبيرة الموقعة بالرباط مع اكبر حلفائنا بعد الجزائر، الدولة النيجيرية، لايزال الرئيس يراهن على أسلحته المتهالكة في أدغال القارة كدروع ضد الزحف المغربي، فلم يمس أوجه الفشل المهيمنة في عواصم افريقية فاعلة كاثيوبيا وجنوب افريقيا أي تغيير يحمل معه بوادر إنفراج جديد رغم محاولات التطعيم في مركزيات تلك السفارات بما يشبه “الطلاء على الوبر” . خصوصا سفارتنا باثيوبيا دولة الإتحاد الإفريقي، حيث يدل عليها المثل الشهير: الحيط يبنوه الرجالا ويلعبو اعليه لمشاش. السفارة باديس ابابا بناها شاب دبلوماسي وطني بعيد عن الإنتماءات القبلية اسمه الأستاذ ابريكة، ولما بنت لنا الجزائر سفارة كبيرة وراقية من 5 طوابق، بملايين الدولارات، ازيح الدبلوماسي المحنك ابريكة، وتم تسليمها لأعجز وأدنى ممثل صحراوي، لأنه ليس في مستوى سفير، جاهل من التندوف، لم يقضي قط في حياته اسبوعا تحت خيام اللجوء، تم تعيينه سنوات طويلة ما بين السويد وابريطانيا ليواصل سرقاته وبناء قصوره وممتلكاته بمدينته التندوف... زوجه شقيقة خديجة حمدي التي عينته ملكا على السفارة الجديدة، ولم تلمسه تغييرات الرئيس الجديد مما يؤكد، ان دار لقمان على حالها رغم كلمات الرئيس في التغيير ومحاربة الفساد واتهنتيت والقبلية، وهي مجرد شعارات للإستهلاك بعيدة عن الممارسة، واثبتتها التعيينات الأخيرة بوزارة الخارجية... 
لاجديد حملته التعيينات في قارة هي الاكبر رهاناً للطرف الصحراوي والاكثر احتضانا للدولة الصحراوية، لاتغيير في اساليب العمل لمواجهة المغرب الذي بدأ يبتلع القارة مستغلا هشاشة اقتصاديات اغلب بلدانها، حيث بدأ في شراء صمتها او حتى النجاح في تجميد بعض دولها الاعتراف بالدولة الصحراوية عبر المشاريع الاقتصادية الوهمية او الحقيقية، يحدث كل هذا بينما يعشعش الوهن في الاداء الديبلوماسي الصحراوي وتهيمن ديناصورات قبلية على المشهد منذ سنوات .
عكس إفريقيا تماما لجأ الرئيس الى عملية التدوير في اوروبا باغلب عواصمها على طريقة مسؤولي الدوائر والبلديات، اسلوب التدوير لايعني تغييراً حقيقيا وانما انتشار رقعة الفشل أكثر، وهو ذاته الاسلوب الذي لجأ له وزير الخارجية في اسبانيا حيث استبدلت الامارات وبقي ملوك الطوائق يدورون بمشاريعهم وفسادهم من إقليم الى آخر في اغلب المقاطعات. وعلى راسها اكثرهم عجزا ممثل كاسطيا لامانتشا...
عملية التدوير كذلك حملت عودة بعض “المفقوعين” الى واجهة المشهد في قطب القارة الاوروبية الشمالي، تأتي العودة بعد إنتظار طويل وممل لكنها حملت معها إسقاط البعض الى “الكراج” في تبادل للادوار، “الكراج” مس القنصلية الصحراوية بوهران من بين كل قنصليات الدولة الصحراوية التي تتشابه في ضعف الاداء .
جديد التعيينات هذه المرة دخول المرأة الصحراوية الى القارة الامريكية لأول مرة عبر بوابة  البيرو، فيما لاتزال الكوطة النسائية غير محددة للتمثيل الحقيقي لمكانة المرأة في الدولة الصحراوية.

بعد المحاصصة القبلية. عودة التمثيليات القبلية :
بعد استمرارها بشكل مستتر لسنوات طويلة، حملت التعيينات الجديدة في الخارجية هذه المرة الظهور العلني والرسمي للتمثيليات القبلية بشكل فاضح لا أحد يعرف كيف مر من أمام الرئيس الذي حدد القبلية كخصم له في بعض خطاباته، و بالعودة الى التعيينات الجديدة نجد ان تمثيلية كفرنسا مثلا، و سفارة بنما شكلت نموذجا فاضحا لحجم تأثير بصمات بعض اقطاب النظام في لعبة التعيينات.
التمثيليات القبلية تعزز حجم المحاصصة القبلية الذي حملته التعيينات بشكل لايخفى على المتابع وهو مايعطي انطباع ان سياسة “لقرع” لاتزال قائمة في العهد الجديد .
الشباب يظل تحت وصاية الديناصورات :
ما إن أعلن عن التعيينات الجديدة في الخارجية الصحراوية حتى انطلق الهتاف والتهليل من البعض بسبب زيادة نسبة التشبيب بالخارجية الصحراوية، غير ان واقع الامر يكذب الكثير من التفاؤل المعبر عنه من البعض، ظهرت اوجه شبابية من بيادق القيادة، في الجزء الثاني من عملية تقطير لائحة الخارجية الصحراوية. فحمل المرسوم الوزاري أسماء شبابية اختلفت مشاربها التنظيمية بين من سبق له العمل ضمن إطار التنظيم السياسي ومن له حضور على المشهد بفعل فاعل وآخرون “اخوتهم فلغزي ” فكان لابد من منحهم الفرصة للظهور.
ثمن تطعيم اللائحة باوجه شبابية للتسويق الخارجي كان مقابل ترك تلك الاوجه الجديدة تحت وصاية الديناصورات الكبيرة، فلم تحمل القائمة وجها شبابيا في الصنف الاول من التعيينات الخاصة برئيس الجمهورية وهي المناصب العليا في ادارة العمل الدبلوماسي، بينما تُرك للوزير الحق الدستوري في ظهور بصمته على الاقل في أضعف الايمان من التعيينات .
ومثلما ماهو حاصل منذ سنوات بين بعض السفراء ونوابهم في بعض عواصم العالم خاصة افريقيا، سيتجدد لامحالة الصراع بين ديناصورات ادمنت الخمول وشباب طموح متحمس، وهو ماسيكون له الاثر البالغ في عدم الانسجام بين الممثل ونائبه، صراع ستدفع القضية ثمنه وسيكون على الاجانب من أصدقاء الشعب الصحراوي التدخل كرجال إطفاء لحل الإشكال. مايعني ان فضائحنا ستكون متاحة للاجنبي بلا شك .
رسالة التعيينات، هل إنتهى الرهان على وعود الرئيس؟ :
بعد الخيبة في الكركرات. والعودة للحرب التي دغدغ بها الرئيس عواطف الشعب المغلوب على أمره، وقبلها استفراد لوبي الفساد بالتعيينات على مستوى التسيير الداخلي بشكل تدوير للقديم دون جديد، علق الشارع الصحراوي الآمال على ان سيف الرئيس سيكون صارماً في التعيينات الخارجية مستنداً في ذلك على سياسة التماطل التي إنتهجها الرئيس قبل الاعلان عن اللائحة حتى إعتقد الكثيرون ان الرجل الاول في الدولة الصحراوية عازم على القيام بمراجعة دقيقة قبل الاخراج النهائي للائحة، غير ان مساء 14 ماي كان اشبه بالحلم الذي تلاشى في غمضة عين ليصبح نقطة اخرى معها ينزل عداد الرهان على تصريحات الرئيس الى ادنى مستوى، فهل يتحول الرئيس مع الوقت الى ظاهرة صوتية؟ كلام من دون افعال، او شعارات بعيدة عن الممارسة، رغم اننا علمناه في بداية الثورة وهو امين عام للجبهة ان الشعار والممارسة هما اللذان يحددان هوية الفرد، وهذا ما يؤكد من أن التاخر عن نشر اللائحة هو تردد الرئيس مثل اولئك الذين تموت شاتو فارباطها كما يقول المثل الصحراوي. كان الله في عونك يا شعبي الكريم. 

المصدر : بالتصرف عن موقع خط الشهيد