Créer un site internet

تقرير||خروقات قانونية و صفقات مالية مشبوهة بمجلس جهة الداخلة يكشق عنها تقرير لجنة تفتيشية تابعة لوزارة الداخلية+وثائق

Photostudio 1548529978157 960x680

بقلم: د.الزاوي عبد القادر-كاتب صحفي و مدير المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و الأبحاث و تحليل السياسات

تأكيدا لكل المقالات و التقارير التي سبق لنا أن نشرناها داخل المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و الأبحاث و تحليل السياسات، على مدار أكثر من ثلاث سنوات، بخصوص الخروقات القانونية و المسطرية، و التجاوزات التدبيرية الخطيرة، في مجال برمجة العمليات المالية و الميزانياتية لمجلس جهة الداخلة، و طريقة تدبيره للصفقات العمومية شكلا و مضمونا، تحصل المركز على تقرير مفصل حول العمليات المالية و المحاسباتية برسم سنة 2016 خاص بمجلس الجهة، أنجزته المفتشية العامة لوزارة الداخلية إضافة إلى المفتشية العامة لوزارة المالية، كشف كم كبير من الخروقات على مستوى عدة صفقات عمومية تورط في إنجازها مجلس الجهة.

و في هذا الصدد، و في إطار العمليات التفتيشية الواسعة التي سبق لوزارة الداخلية أن أطلقتها، كما أعلنا عن ذلك في تقرير منشور، و التي همت محاصرة الفساد، و التحقيق في سوء التدبير، و التلاعب في الصفقات العمومية بالعديد من المجالس الترابية و الجهوية على مستوى المملكة، شكلت لجنة مشتركة للتدقيق في ملفات جهة الداخلة وادي الذهب، مكونة من مفتش من وزارة المالية و آخر من وزارة الداخلية، للتدقيق في جميع العمليات المالية و المحاسباتية، منذ تولي المجلس الحالي برئاسة الإستقلالي "الخطاط ينجا" فترة إنتدابه في الإنتخابات الجهوية لسنة 2015.

اللجنة التفتيشية و بعد عمليات الإفتحاص، إكتشفت عدة خروقات و إختلالات تضمنها “تقرير أولي” أُرسل بالفعل لرئيس الجهة "الخطاط ينجا" المنتمي لحزب الإستقلال، ليبرر تلك العمليات المالية المفخخة، لكن و حسب الحقائق المنشورة في التقرير سالف الذكر، قررت اللجنة التفتيشية أن 92 بالمائة من تبريرات الجهة غير مقنعة، و مخالفة لمقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالجهات.

و من ضمن الصفقات المفتحصة، وضعت اللجنة التفتيشية يدها على صفقة خط جوي مشبوهة تم إبرامها في نهاية العام 2016، حيث وقع مجلس "ولد ينجا" إتفاقية مع الخطوط الجوية الملكية في إطار صفقة بقيمة 470 مليون سنتيم، أي ما يعادل 4 ملايين و سبعمائة ألف درهم، لدعم خط الداخلة-لاس بالماس، و قامت شركة الخطوط الملكية المغربية بعد مرور عدة أشهر، و بعدما أخذت كل نصيبها المالي الضخم، بالإنسحاب من الإتفاقية بحجة أن هذا الخط الجوي قد تسبب لها خسارة فادحة.

Fb img 1548515838389

ليقوم بعد ذلك رئيس الجهة بتوقيع إتفاقية أخرى، مع وكالة أسفار بالداخلة تسمى “ريو دي أورو” بقيمة 470 مليون سنتيم أخرى، بحجة دعم و تطوير نفس الخط الجهوي السابق، و جرى ذلك في غياب تام لأي طلبات عروض Appel D’offre، و دون نشر أي إعلان للمنافسة على الصفقة كما ينص على ذلك مرسوم الصفقات العمومية. ما يعني أنه و في ظرف سنة صرف من ميزانية مجلس الجهة 940 مليون سنتيم بدون وجه حق.

و جاء في رد محلس الجهة، أن لهذا الخط "قيمة سياسية و إستراتيجية"، ما يعتبر محاولة مفضوحة لإستغلال خصوصية المنطقة السياسية، و منح هذا الخرق القانوني و التدبيري الفاحش غطاء “سياسي و سياحي” مغلوط، من خلال ربطه بقضية الصحراء المغربية، مع العلم أن غالبية السياح يأتون لمدينة الداخلة في خط الداخلة - الدار البيضاء، و ليس خط الداخلة-لاس بالماس، و هو ما سبق للمركز أن حذر منه في عدة تقارير منشورة، و أيضا ما سبق لفريق المعارضة داخل مجلس الجهة أن فضحه داخل أحد دورات مجلس الجهة، و نبه إليه سلطات الرقابة ممثلة في السيد والي الجهة.

لذلك كان رد اللجنة التفتيشية المدققة، هو أن جواب الجهة “غير مقنع و بعيد كل البعد عن صلب الموضوع” ما يعني أن الصفقة غير قانونية و مشبوهة، إضافة إلى إتهام مجلس الجهة من طرف اللجنة بإفتقاره إلى إستراتيجية عمل واضحة في تدبير هذا الخط الجوي، ما يعني عدم كفاءة و تخبط و عشوائية مجلس "ولد ينجا" في تدبيره لعمليات الشراكة التي يبرمها، ناهيك عن وجود نواقص في صياغة الاتفاقيات، و عدم تفعيل لجان التتبع و التقييم، كما أكد التقرير سالف الذكر.

أيضا من بين الخروقات الجسيمة التي أثارت إستغراب اللجنة التفتيشية، و التي ضمنتها في تقريرها الأولي، إقدام "الخطاط ينجا" رئيس مجلس جهة الداخلة على تخصيص مساعدات هامة لفئة “العائدين” (مواطنين مغاربة عادوا من مخيمات تندوف)،  تتراوح قيمتها ما بين 1000 درهم و 2500 درهم ، و ذلك عبر إبرامها صفقة ضخمة مع شركة خاصة لمدهم شهريا بالمؤن الغذائية.

و في هذا الصدد، واجهت لجنة التفتيش مجلس الجهة بأنه قانونياً لا يحق له أن يخصص منح للعائدين كجزء من ميزانيته، لأنه ليس من إختصاصه نهائيا بحكم أن الدولة هي المكلف الوحيد بالملف، مع الإشارة إلى غياب وثائق جرد عدد المستفيدين من هذه المنح المالية، و كذلك عدم توفر أي ضمانات على تسلمهم هذه المبالغ، و أن مجلس الجهة وقع هذه الصفقة حسب ذات الوثيقة مع شركة تسمى“Maatallah Baba Daih” لكي تتكلف بإعطاء “العائدين” مباشرة تلك المؤونة الغذائية الممولة من ميزانية الجهة.

Fb img 1548515845157

اللجنة التفتيشية تفاجئت أيضا من غياب سجلات رسمية بأسماء المستفيدين، كما هو الحال في المنح المالية المقدمة للمواطنين، و كذلك عدم حصر المستفيدين و كمية المواد الموزعة، أو حتى توفر إشهاد من المستفيدين بإستفادتهم، يحمل رقم تعريفهم و تاريخ الإستفادة و الاسم الكامل، كما أن التسليم جرى مباشرة من طرف الشركة الحاصلة على الصفقة في غياب تام لمراقبة مجلس الجهة، ناهيك عن غياب ما يشير الى تسلم مصالح الجهة للمواد الغذائية، و الخرق الجسيم لمرسوم الصفقات العمومية الذي ينص على أن عملية التسليم يجب أن يتم وفق محضر رسمي مؤقت ثم نهائي، يفيد تسلم مجلس الجهة فعليا للمواد الغذائية موضوع الصفقة، بشكل تدريجي في مخزن تابع لمجلس الجهة. الأمر الذي يطرح ألف علامة إستفهام حول الطريقة التي على أساسها تم تمرير الدفعات المالية لشركة Maatallah Baba Daih في غياب مخزن "stock" و محضر تسليم نهائي حقيقي صادر عن مجلس الجهة؟؟

مجلس الجهة رد على لجنة التفتيش بخصوص هذا الخرق الخطير، بأنه لا وجود لأي قانون يمنع مجلس الجهة من إعطاء مساعدات إجتماعية، و أن المستفيدين يقومون “بالبصم على وصل استلام”، لكن رد المفتشين على مجلس الجهة كان حازما و صاعقا، بأن بينوا أنه بالبصم على وصل الإستلام يستحيل التعرف على هوية المستفيد و تتبعه، ناهيك أن هذا غير قانوني و ليس من إختصاصات المجلس و يفتقد “لعقد رسمي مع الدولة” يتضمن “المراسيم و الفصول القانونية المخصصة في هكذا إجراءات”، لذلك إعتبرت اللجنة التفتيشية أن جواب مجلس الجهة غير مقنع، لذلك قررت الإحتفاظ بالملاحظات حول تلك الخروقات كما وردت في التقرير الأولي.

لكن يبقى أخطر ما في التقرير السالف، تأكيد اللجنة التفتيشية على عملية ترامي مجلس الجهة، على تمويل و إنجاز مشاريع لا تدخل ضمن اختصاصاته حسب القانون التنظيمي الخاص بالجهات، كحالة مشروع تهيئة الساحل الشمالي للداخلة الذي أشارت إليه اللجنة في تقريرها. المشروع و كما سبق لنا أن أشرنا إلى ذلك في مقالات سابقة، يعتبر من صميم اختصاصات بلدية الداخلة التي يترأسها "سيدي صلوح الجماني" أحد خصوم رئيس الجهة السياسيين و الانتخابيين، لكن "ولد ينجا" تعمد انتزاعه بطريقة غير قانونية و إنجازه من ميزانية مجلس الجهة، و ذلك في إطار تصفية حسابات مع غريمه السياسي "الجماني"، بهدف تلميع صورته أمام الساكنة، كان أخرها قرار غير شرعي من رئيس الجهة بالامتناع عن دعم بلدية الداخلة في مجهودات تطوير البنية التحتية بعاصمة الجهة، و ربطه الدعم المالي بشرط مهزلة و غير قانوني يتمثل في فرض مجلس الجهة كصاحب المشروع maître d'ouvrage في أية مشاريع ستنفذها بلدية الداخلة بدعم من مجلس "ولد ينجا".

Fb img 1548515854073

و هو بالفعل ما سبق أن أشار إليه "ولد ينجا" في أحد دورات مجلس الجهة، حين لمح حينها إلى رغبته في التكلف بأنجاز اشغال البنية التحتية لحي الوحدة، و هو ما علقنا  عليه ساعتها عن طريق مقال منشور، بأنه يعتبر محاولة خسيسة للترامي على اختصاصات بلدية الداخلة، هدفها ممارسة دعاية إنتخابوية سابقة لأوانها، و أن ذلك لا يمت بصلة من قريب أو بعيد لإختصاصات مجلس الجهة. لذلك رفضت اللجنة التفتيشية تبريرات مجلس الجهة الواهية و الجاهلة، التي ادعت بأنه لا يوجد مانع قانوني صريح يمنعها من ذلك، و أكدت إحتفاظها بالملاحظات الواردة في تقريرها.

خلاصة القول، الخروقات المالية و التدبيرية الجسيمة المسجلة في عمليات إفتحاص ميزانية مجلس جهة الداخلة وادي الذهب برسم سنة 2016، مجرد شجرة تخفي غابة رهيبة من الاختلالات في مساطر و قيمة و طرق تدبير ميزانية المجلس، تتجاوز بكثير خروقات مالية و محاسباتية بمفهومها التقني، الى أزمة تدبيرية عويصة تحاكم كفاءة التحالف الحالي المسير لمجلس الجهة، على تدبير مشروع ملكي ضخم بمستوى و ميزانيات و أهداف الجهوية المتقدمة، ما تسبب في أهدار إمكانات مالية هائلة ضختها الدولة المغربية في حسابات المجلس طوال خمس سنوات مالية تجاوزت أكثر من 200 مليار، لم تنعكس على حياة المواطن العادي قيد أنملة، بينما كانت كفيلة بأن تحول الجهة إلى سويسرا أخرى، و تحسن من مستوى عيش ساكنة الجهة المطحونة.

لذلك ندعو اللجان التفتيشية و ساكنة الجهة إلى شد الأحزمة، من هول ما ستكشف عنه إفتحاصات ميزانيات 2017 و 2018 و 2019، فما خفي كان اعظم، خصوصا في جانب الصفقات المشبوهة و الضخمة، التي منحت للمقاول "الحو" و "بنسي"، إضافة الى النفخ الخطير في بعض فصول الميزانية، و برمجة اموال ضخمة لتمويل مصاريف تافهة و عبثية و غير مبررة، كحالة نفقات المهرجانات و الاطعام و شراء الهدايا و التحف الى آخره من العبث و التبذير الغير مسبوق، و التي سبق لنا كشف ما أعتراها من خروقات و تلاعبات خطيرة في عدة تقارير منشورة، كما نتمنى أيضا من الصحافة الموالية لرئيس الجهة و رقيقه الجمعوي البغيض، أن يبتلعوا ألسنتهم، و لا يخرجوا على ساكنة الجهة بقصاصات إخبارية مدفوعة الأجر، تخير الساكنة بين الصمت على إجتثاث أموالها العمومية أو فتنة مشابهة ل"اكديم ايزيك"، الله اللا فظحتنا، إنتهى الكلام.

تجدون في هذا الرابط المرفق، التقرير الذي فضحنا خلاله السنة الماضية، خروقات إتفاقية خط الداخلة-لاس بالماس، و المنشور تحت عنوان: لقد بطل السحرفضائح إتفاقية "ولد ينجا" مع شركة الطيران الإسبانية تنكشف لعموم المواطنين.

Fb img 1548515849222

ت